أعمال

كيف نفكر وقت الأزمات؟

لم يكن يتوقع أكثر المتشائمين بأن يتوقف العالم فجأة ويتأجل كل شيء لوقت آخر غير معلوم. من أخبار غير مهمة في مكانٍ ما في الصين إلى وباء يلمس حياتنا الشخصية هنا.

لم يكن يتوقع أكثر المتشائمين بأن يتوقف العالم فجأة ويتأجل كل شيء لوقت آخر غير معلوم. من أخبار غير مهمة في مكانٍ ما في الصين إلى وباء يلمس حياتنا الشخصية هنا. يصعب استيعاب هذا التحول في فترة قصيرة جداً من الوقت. التهديد الذي يمثله انتشار فيروس كورونا أو COVID-19 نستطيع جميعا أن نرى آثاره في الوقت الحالي من شبه انعدام للحركة الاجتماعية والاقتصادية، وأتمنى وأتوقع أنها لن تتعدى أشهراً قليلة. مع هذا، فإنه واقع جديد، ولو بشكل مؤقت، سيعيد تشكيل مفاهيم كثيرة في حياتنا وأعمالنا، وبأبعاد اجتماعية و اقتصادية تترك أثراً لعقود قائمة.

في خضم هذه الأحداث، من السهل جداً الانجراف مع الأخبار اليومية و التحليلات، وفيما إذا كان COVID-19 مؤامرة سياسية، أو لعبة اقتصادية، أو مجرد حدث طبيعي. هناك ضوضاء معلوماتية كبيرة جداً قد تشوش قراءة الوضع الراهن والمستقبلي. بغض النظر عن الأسباب، وبالتركيز على الجانب الاقتصادي والمنشآت الصغيرة والمتوسطة بالذات، نجد أن هناك حقيقتان واضحتان اليوم:

الأولى هي أن الجميع في مركب واحد في هذه الأزمة وبالتالي ليس هناك سبيل للخروج بأقل الأضرار إلا إذا تعاون الجميع من موردين ومقدمي خدمة وغيرهم، كما هو متوقع من منشأتك مع عملائها وكذلك من الموظفين أيضاً. هناك مسؤولية أخلاقية و اجتماعية علينا جميعاً بأن نبحث عن الحلول المستدامة، العادلة والمنصفة.

الثانية هي مسألة وقت فقط حتى يبدأ التحسن التدريجي وعودة الحياة لوضع أقرب للطبيعي. سواءً عن طريق آليات جديدة تحد من انتشار الفيروس أو باكتشاف لقاح للفيروس. معظم التوقعات الحالية تشير إلى فترة قد تمتد من 6 أشهر إلى 18 شهراً. آمل شخصياً وأتوقع أن تكون الفترة أقصر من 6 أشهر وخصوصاً بالنظر إلى خطة وزارة الصحة الناجحة و حزمات الدعم الحكومي للقطاع الخاص.

التحديات لا يستهان بها في الفترة الحالية والشهور القليلة القادمة بالنسبة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة على وجه الخصوص. و لكن، بالنظر موضوعياً إلى أبعاد هذه الأزمة اجتماعياً واقتصادياً نجد أن هناك مفاهيم كثيرة تمر بفترة تحول: من أبسط الأشياء مثل النظافة الشخصية، إلى المناسبات الاجتماعية، إلى الترفيه، إلى العمل و غيرها من جوانب حياتنا اليومية. يصعب التكهن في الوقت الحالي بمدى و طول مدة التأثير على سلوك الفرد و المجتمع بأطيافِه المختلفة. و لكن نستطيع الجزم بتغيير لا يستهان به في أولويات و احتياجات الكثير من الناس، و طرق وصولهم لها، أو قيمة هذا الاحتياج لديهم. هذا التغيير قد يخلق مصاعب كثيرة و لكن في نفس الوقت سيخلق فرصاً جديدة أيضاً

كرائد أعمال أو عضو فريق شركة ناشئة، من المهم جداً تصور رحلة المستخدم لعملائك خلال هذه المرحلة وما بعد COVID-19 بشكل موضوعي و عميق. من أجل رسم خطة تساعد الشركة على التحول و النمو، يجب إعادة النظر في الحلول التي تقدمها لعملائك، وفيما إذا كانت لا تزال ممكنة، ملائمة، و مقدمة بالطريقة الصحيحة. قد يكون التحول بشكل بسيط في المنتجات، أو أكثر من ذلك من تحول في نموذج العمل، أو الاستراتيجية.

على أي حال، لا يمكن النظر إلى الأحداث الحالية كمشكلة فقط. بل هي أيضا فرصة لالتقاط الأنفاس على المستوى الشخصي و الاجتماعي و العملي. يجب التأمل و التفكير كثيراً بموضوعية  في التطورات الحالية و الوضع ما بعد COVID-19 و استشراف الآثار المترتبة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي من أجل إيجاد الحلول والفرص و الخروج بشكل جيد من هذه الأزمة.

الفترة الحالية هي فرصة مناسبة جداً لإعادة النظر في جوانب كثيرة من منشأتك و التأكد من مرونتها وقدرتها على التكيف في الفترة القادمة. هذا المرونة تبدأ من العقلية المنفتحة وعدم التشبث ببعض الأفكار و التجارب القديمة، بل و إعطاء المجال لأفكار جديدة حتى و إن بدأت غريبة أو غير ممكنة.

ستزول هذه الأزمة و سيكون لمن لديه القدرة على الإبداع و التحول قادراً على الخروج بمكاسب أفضل في السوق مقارنة بما قبل الأزمة.

 

حفظ الله الجميع وأعاننا على تجاوز هذه الظروف قريباً.

No items found.
القائمة البريدية
سجل معنا في القائمة البريدية لتصلك رسائل اسبوعية بأبرز مقالاتنا
شكرًا لك! تم استلام تقريركم!
أُووبس! حدث خطأ ما أثناء إرسال النموذج.
بالتسجيل معنا أنت تقر بـ اتفاقية المستخدم